لواء ركن يونس محمود" اعتذار للشرطه"

⛔⛔  إعــتـذار للـشُـرطـة  ⛔⛔

الدور الذي تقوم به الشرطة في كل البلدان وعبر التاريخ الإنساني هو الذي أسس إستقرار الدول وإزدهار الحضارات وحفظ الحقوق وإقامة العدل وعقاب المعتدي والقصاص من المجرم، ودور الشرطة هو الذي بسط الإحساس بالأمن ونشر الطمأنينة
وحقن الدماء وأجبر المعتدين على الخنوس والتراجع.
الشرطة السودانية ظلّت تؤدي دورها عبر تاريخ السودان منذ قبل الإستقلال تعبر السهول وتقطع الفيافي وتقص الأثر حتى تسترجع قطيع أنعام من اللصوص، وتدقق في البينات ومتعلقات الجريمة حتى تقبض على المعتدي، وتسهر الليالي تجوب الأزقة في الأحياء وأطراف المدن حتى ينعم المواطن بنومٍ هادئ لا يروعه طارق ليل بسوء، ويسبق منسوبوها باكراً إلى الطرقات لتسهيل حركة المرور، 
فضلاً عن الخدمات النوعية في إستخراج الوثائق الشخصية والملكيات الخاصة وحفظ الحقوق من الضياع خاصةً حق المواطنة وإمتيازاته، وحماية الهوية الوطنية من الإنتهاك والإختراق، وهي الحاضرة حين الكوارث في الحرائق والحوادث الفاجعة وغيرها مما يلي الدفاع المدني، وحتى قضايا البيئة والحياة البرية والتوازن الأيكولوجي تجد الشرطة حاضرة، أما حين الإضطرابات والتظاهرات فللشرطة دور في منعها من الإنحرافات المفضية للفوضى، وحمايتها من التحركات المضادة منعاً لتصادم فئات المجتمع تحت دعاوى سياسية أو إثنية أو مناطقية أو غيرها من المثيرات بصرف النظر عن التصنيف السياسي للموقف، بإعتبار الشرطة مؤسسة قومية تتبع للحكومة القائمة وتؤدي دورها بوصفه الدستوري ونصَّه القانوني.
ولما قامت التظاهرات الأخيرة من شهر ديسمبر الماضي وإلى حين سقوط الحكومة في الحادي عشر من أبريل ظلّت الشرطة تمارس دورها بأقصى درجات المهنية تحت ضغط رهيب ما بين المحافظة على سلامة المتظاهرين والسيطرة على تفلتات الذين يستغلون هذه الظروف لإرتكاب مخالفات قانونية، وقدمت في هذه الأحداث ثلة من الشهداء من الضباط والصف والجنود نتيجة لتطورات في طبيعة المواجهات، حتى حاول البعض من إتخاذ الشرطة عدواً واجب المواجهة، وكذلك سعت بعض الجهات لتوقع ما بين مكونات اللجنة الأمنية الأربعة وهي الجيش، الشرطة والأمن والدعم السريع، فجعلوا من الجيش والدعم السريع أولياء الشعب بينما تم تصنيف الشرطة والأمن أعداء الشعب أو قُل المتظاهرين، وهذا تصنيفٌ (خبيث) الغرض منه إختراق وحدة اللجنة الأمنية، وقد نجح المخطط إلى حدٍّ ما الأمر الذي إنعكس على مجمل أداء الشرطة بعد سقوط الحكومة، وكان بلسان حال الشرطة  يردد: إذا كانت الشرطة عدواً لكم فأبحثوا عن شرطة صديقة وحتى ذلك الأجل خفَّ أيقاع الشرطة تماماً وأوشكت أن تخلي هذا الدور وإقتصرت على أداءٍ لا يستجيب لحسم الفوضى الضاربة الآن في الحياة، حتى يعلم من يشكك في الشرطة أهميتها القصوى في تسيير دولاب الحياة، فلا النجدة  تجيب على إتصالك المتلهف؛ لأنها سمعت ما لا يُرضي من القول حين تستجيب عبر الهواتف، ولم تعد تجوب الطرقات والأوكار التي يتربص بها المجرمون، ولم تعد تفصل بين المختصمين في الأسواق والتجمعات؛ ولذلك إمتلأ هذا الفراغ  بمن يأخذ القانون بيده ويفتش المارة ويغلق الطرقات 
ويتعمد أذى الأشخاص العُزَّل الغافلين لوحدهم، ويعوث في الأرض فساداً، كل ذلك نتيجة طبيعية لما تشعر به الشرطة من خيبة أمل في مجتمعٍ ظلّت تخدمه طوال عمرها، وتسهر الليالي في تأمينه، وما من قضيةٍ غامضة إلَّا وكان للشرطةِ فيها سبق إكتشاف ومبادرة إحتراف قمينة بالتقدير والثناء، وحتى إضراب صغار الضباط والصف يوم الأحد الماضي أكَّد للمستفيدين من المواطنين أن مصالحهم الحيوية مرتبطة سرياً بالشرطة، 
ولذلك على الإخوة في المجلس العسكري أن يرفعوا من شأن الشرطة معنوياً أولاً والنظر بإعتبار لمطالبها وقضاياها؛ 
فالأمن بعد اللَّه سبحانه وتعالى هو بأيدي خبراء الشرطة الذين يعرفون المجرمين بسيماهم ومخابيهم بل وبأساليبهم في الكسر والنشل، فالطرقات الآن غير آمنة تماماً، والزحام المروري ليس له غير الشرطة، وإستعادة هيبة الدولة المفقودة ليس لها غير الشرطة، الليل الهادئ والنوم الهنيئ ليس له غير الشرطة، الجزلان المنشول والتلفون المغتصب ليس له إلا الشرطة، لكل هذا وغيره.
كلنا ندين بإعتذار كبير لقوات الشرطة السودانية، ونبدي الأسف العميق لما بدر من بعضنا في حق الشرطة، ونذكر جهدها ونشكر سعيها ونُحيِّي رجالها الأبرار من القادة والضباط الصف والجنود  
وحقكم على شعبكم، عودوا رجاءً إلى المواقع والمرابط والطرقات لتبدأ مرحلة جديدة في بناء الوطن الغالي.

-  لـواء ركن (م)  يـونـس مـحمود محـمد

تعليقات